اهوال
ما يقال عند وضع الميت في قبره و في اللحد في القبر
اللحد : هو أن يحفر للميت في جانب القبر ، إن كان الأرض صلبة ، و هو أفضل من الشق . فإنه الذي اختاره الله لنبيه صلى الله عليه و سلم 2-روى ابن ماجه عن ابن عباس قال : لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، بعثوا إلى أبي عبيدة ، و كان يضرح كضريح أهل مكة ، و بعثوا إلى أبي طلحة و كان هو الذي يحفر لأهل المدينة . و كان يلحد . فبعثوا إليهما رسولين ، قالوا : اللهم خر لرسولك . فوجدوا أبا طلحة فجيء به ، و لم يوجد أبو عبيدة فلحد لرسول الله صلى الله عليه و سلم .
2-وقال الحبيب : اللحد لنا . و الشق لغيرنا " ،
3-و أنشدوا :
ضعوا خدي على لحدي ضعوه و من عفر التراب فوسدوه
و شقوا عنه أكفاناً رقاقاً و في الرمس البعيد فغيبوه
فلو أبصرتموه إذا تقضت صبيحة ثالث أنكرتموه
و قد سالت نواظر مقلتيه على وجناته و انفض فوه
و ناداه البلا : هذا فلان هلموه فانظروا هل تعروفه
حبيبكم و جاركم المفدى تقادم عهده فنسيتموه
الوقوف عن القبر قليلاً بعد الدفن و الدعاء بالتثبيت له
فى--مسلم عن بن شماسة المهري ، قال : حضرنا عمرو بن العاص و هو في سياقة الموت ، الحديث : و فيه : . و شدوا على إزاري فإني مخاصم . و شنوا على التراب شناً . فإن جنبي الأيمن ليس أحق بالتراب من جنبي الأيسر ، ولا تجعلن في قبري خشبة و لا حجراً ، فإذا دفنتموني فشنوا على التراب شناً ، ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر و يقسم لحمها ، حتى أستأنس بكم ، و أنظر ماذا أرجع به رسل ربي عز و جل ؟
2-وروى " عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه و قال : استغفروا لأخيكم و اسألوا له بالتثبيت فإنه الآن يسأل " .
** .-و كذلك الطعام الذي يصنعه أهل الميت ـ ـ فيجتمع عليه النساء و الرجال من فعل قوم لا خلاق لهم .
و قال أحمد بن حنبل : هذا من فعل الجاهلية ، قيل له : أليس قد قال النبي صلى الله عليه و سلم اصنعوا لآل جعفر طعاماً ؟ فقال :
لم يكونوا هم اتخذوا . إنما اتخذ لهم فهذا كله واجب على الرجل أن يمنع أهله منه . و لا يرخص لهم ، فمن أباح ذلك لأهله فقد عصى الله عز و جل ، و أعانها على الإثم و العدوان ، و الله تعالى يقول : " قوا أنفسكم و أهليكم ناراً "
**القرطبى: و هذه الأمور كلها قد صارت عند الناس الآن سنة و تركها بدعة ، فانقلب الحال و تغيرت الأحوال .
3- قال ابن عباس رضي الله عنه : لا يأتي على الناس عام إلا أماتوا فيه سنة . و أحيوا فيه بدعة . حتى تموت السنن و تحيا البدع ، و لن يعمل بالسنن و ينكر البدع إلا من هون الله عليه إسخاط الناس بمخالفتهم فيما أرادوا ، و نهيهم عما اعتادوا و من يسر لذلك أحسن الله تعويضه ،
4- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنك لن تدع شيئاً لله إلا عوضك الله خيراً منه " ،
5- و قال: " لا يزال في هذه الأمة عصابة يقاتلون على أمر الله لا يضرهم جدال من جادلهم و لا عداوة من عاداهم , ,
6-و-ثبت في الصحيحين عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ليس منا من لطم الخدود و شق الجيوب .
و دعا بدعوى الجاهلية "
7-و فيهما أيضاً عن أبي بردة بن أبي موسى قال : وجع أبو موسى وجعاً فغشي عليه و رأسه في حجر امرأة من أهله فصاحت امرأة من أهله ، فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً فلما أفاق قال : أنا برىء مما برىء منه رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم برىء من الصالقة و الحالقة و الشاقة
8-.-ولعنالحبيب الخامشة وجهها ، و الشاقة جيبها ، و الداعية بالويل و الثبور " ،: إذا رأيت صاحب المصيبة قد خرق ثوبه ، و أظهر حزنه ، فعزيته فقد أشركته في إثمه و إنما هو صاحب منكر ، يحتاج أن تنهاه : من أصيب بمصيبة فمزق ثوباً ، أو ضرب صدراً ، فكأنما أخذ رمحاً يريد أن يقاتل به ربه عز و جل
سؤال الملكين للعبد و في التعوذ من عذاب القبر و عذاب النار
1- البخاري " عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن العبد إذا وضع في قبره ، و تولى عنه أصحابه . إنه ليسمع قرع نعالهم أتاة ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه و سلم ؟ فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله و رسوله ، فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله تعالى به مقعداً من الجنة فيراهما جميعاً " .
قال قتادة : و ذكر لنا أنه يفسح له في قبره أربعون ذراعاً .
و قال مسلم : سبعون ذراعاً . و يملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون
" و أما المنافق و الكافر فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري كنت أقول ما يقول الناس . فيقال : لا دريت و لا تليت . و يضرب بمطارق من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين " . –
. و قد جاء من حديث البراء : [ لا دريت و لا تلوث ] : أي لم تدر و لم تتل القرآن . فلم تنتفع بدرايتك و لا تلاوتك .
2-و-عن النبي قال : إن الميت يصير إلى القبر فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع و لا مشغوف ، ثم يقال له : فيم كنت ؟ فيقول : كنت في الإسلام ! فيقال : ما هذا الرجل ؟ فيقول : محمد رسول الله ، جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه . فيقال له : هل رأيت الله ؟ فيقول : لا ، ما ينبغي لأحد أن يرى الله ! فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً ، فيقال له : انظر إلى ما وقاك الله ، ثم يفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها و ما فيها ، فيقال له : هذا مقعدك " .و يقال له : على اليقين كنت . و عليه مت . و عليه تبعث إن شاء الله تعالى ، و يجلس الرجل السوء في قبره فزعاً مرعوباً فيقال له : فيما كنت ؟ فيقول : لا أدري . فيقال له : ما هذا الرجل ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون قولاً فقلته . فيفرج له فرجة قبل الجنة فينظروا إلى زهرتها و ما فيها . فيقال له انظر إلى ما صرفه الله عنك ، ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً ، فيقال : هذا مقعدك على الشك كنت . و عليه مت . و عليه تبعث إن شاء الله تعالى
" .وقال : إذا أقبر الميت ـ أو قال أحدكم ـ أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر . و للآخر النكير .
فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول ما كان يقول فيه : هو عبد الله و رسوله أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً عبده و رسوله ، فيقولان : قد كنا نعلم أنك تقول هذا ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين ، ثم ينور له فيه ، ثم يقال له : نم . فيقول : أرجع إلى أهلي فأخبرهم ، فيقولان : نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك . و إن كان منافقاً قال : سمعت الناس يقولون قولاً . فقلت مثله : لا أدري . فيقولان : قد كنا نعلم أنك تقول ذلك فيقال للأرض : التئمي عليه . فتختلق أضلاعه . فلا يزال فيها فيها معذباً حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك "
و دخلاً نخلاً لبني النجار ، فسمع صوتاً ففزع ، فقال : من أصحاب هذه القبور ؟ قالوا : يا رسول الله ناس ماتوا في الجاهلية ، فقال : تعوذوا بالله من عذاب القبر . و من فتنة الدجال قالوا : و مم ذاك يا رسول الله ؟ قال : إن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك ، فيقول له : ما كنت .تعبد ؟ فإن هداه الله . قال : كنت أعتبد الله فيقال : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول هو عبد الله و رسوله . فما يسأل عن شيء غيرها . فينطلق به إلى بيت كان له في النار . فيقال له : هذا بيتك كان في النار ، و لكن عصمك و رحمك فأبدلك بيتاً في الجنة فيقول دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي فيقال له : اسكن . و إن الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك فينتهره و يقول : ما كنت تعبد ؟ فيقول : لا أدري كنت أقول كما يقول الناس . فيضرب بمطارق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير الثقلين
3- ومن حديث البراء قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في جنازة رجل من الأنصار . فانتهينا إلى القبر و لما يلحد ، فجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم و جلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير و في يده عود ينكت به في الأرض فرفع رأسه فقال : استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثاً ، قال : و إنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين حين يقال له : من ربك ؟ و ما دينك ؟ و من نبيك ؟ قال : و يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، فيقولان : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام ، فيقولان : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله ، فيقولان له : و ما يدريك ؟ قال : قرأت كتاب الله فآمنت و صدقت " قال : فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة . و ألبسوه من الجنة . و افتحوا له باباً إلى الجنة قال : فيأتيه من روحها و طيبها قال : و يفسح له مد بصره .
قال : و إن الكافر فذكر موته قال : و تعاد روحه في جسده و يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه . لا أدري . فيقولان : ما هذا الرسول الذي بعث فيكم ؟ فيقول هاه هاه . لا أدري . قال : فينادي مناد : أن كذب عبدي . فأفرشوه من النار ،
و ألبسوه من النار ، و افتحوا له باباً إلى النار قال : فيأتيه من حرها و سمومها قال : و يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه " زاد في حديث جرير قال : " ثم يقيض له أعمى أبكم معه مرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لصار تراباً قال : فيضربه بها ضربة يسمعها ما بين المشرق و المغرب إلا الثقلين فيصير تراباً ، ثم تعاد فيه الروح
4-و اختلفت الأحاديث أيضاً في كيفية السؤال و الجواب .
و ذلك بحسب اختلاف أحوال الناس ، فمنهم من يقتصر على سؤاله عن بعض اعتقاداته ، و منهم من يسأل عن كلها فلا تناقص .
و وجه آخر هو : أن يكون بعض الرواة اقتصر على بعض السؤال و أتى به غيره على الكمال . فيكون الإنسان مسؤولاً عن الجميع .
كما جاء في حديث البراء المذكور و الله أعلم . و قول المسؤول : هاه هاه هي حكاية صوت المبهور من تعب أو جري أو حمل ثقيل .
اما عن صفة الملكين صلوات الله عليهما و صفة سؤالهما
1-: أنهما أسودان أزرقان . يقال لأحدهما : منكر ، و للآخر : النكير ، "
2-واما عن اختلاف الآثار في سعة القبر على المؤمنين بالنسبة إلى أعمالهم فى الحديث المتفق علية :
" أنه يفسح له سبعون ذراعاً " و في الترمذي : " سبعون ذراعاً في سبعين ذراعاً " . و في حديث البراء : " مد البصر "
3-و خرج علي بن معبد عن معاذة قالت : قلت لعائشة رضي الله عنها : ألا تخبريننا عن مقبورنا ما يلقى و ما يصنع به ؟ فقالت :
إن كان مؤمناً فسح له في قبره أربعون ذراعاً .
قلت :
و هذا إنما يكون بعد ضيق و السؤال . و أما الكافر فلا يزال قبره عليه ضيقاً
اعلم رحمك الله ان عذاب القبر حق
1-قال الله تعالى : " و من أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً "
قال أبو سعيد الخدري و عبد الله بن مسعود : ضنكاً . قال : عذاب القبر .
و قال : " و حاق بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدواً و عشياً " فهذا عذاب القبر في البرزخ
و قال ابن عباس فى قوله تعالى : " كلا سوف تعلمون " ما ينزل فيكم من العذاب في القبر " ثم كلا سوف تعلمون " : في الآخرة إذا حل بكم العذاب فالأول في القبر ، و الثاني في الآخرة فالتكرير للحالتين
يتبع ان شاء الله تعالى