ننتظر تسجيلك هنا



الملاحظات

الإهداءات
همس الروح من همسات الغلا : اللهم باركّ لنا في شهر شعبان وبلغنا شهر رمضان ونحن في احسن حال واعنا اللهم على صيامه وقيامه يارب العالمين الصارم من مكه : يا واسع الُّلطفِ إنَّ الحالَ تعلمُهُ ربِّي لكَ الحمدُ في صفوٍ وفي كدرِ جمعة مباركة مقدما

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 01-04-2016, 10:10 PM
شهد الغلا غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
لوني المفضل Blueviolet
 رقم العضوية : 6900
 تاريخ التسجيل : 27 - 3 - 2016
 فترة الأقامة : 3232 يوم
 أخر زيارة : 26-10-2016 (09:13 PM)
 المشاركات : 1,682 [ + ]
 التقييم : 103319
 معدل التقييم : شهد الغلا يستحق التميز شهد الغلا يستحق التميز شهد الغلا يستحق التميز شهد الغلا يستحق التميز شهد الغلا يستحق التميز شهد الغلا يستحق التميز شهد الغلا يستحق التميز شهد الغلا يستحق التميز شهد الغلا يستحق التميز شهد الغلا يستحق التميز شهد الغلا يستحق التميز
بيانات اضافيه [ + ]
28 التوبة أسلوب حياة





التوبة أسلوب حياة




إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فللطَّاعة لذةٌ لا يعلمها إلا من جرَّبها، لذة تشعر معها بحلاوة الإيمان، والأُنس بالقرب من الله عز وجل، وحتى تدومَ تلك اللذة فلا بد من مُعاهدة القلب في كل لحظةٍ وحين، والمداومة على تطهيره من الأدران التي ستُصيبه لا محالة باقترافه للذنوب والخطايا؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ ابنِ آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون))[1].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يَعتاده الفَيْنةَ بعد الفَينة، أو ذنبٌ هو مُقيمٌ عليه لا يُفارقه حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن خُلق مُفتَّنًا توَّابًا نسيًّا، إذا ذُكِّر ذَكَر))[2].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لو لم تُذنِبوا لذهب الله بكم ولجَاء بقوم يُذنبون فيَستغفرون الله فيغفر لهم))[3].
والذَّنب: هو فِعلُ أيِّ شيء نَهى الله ورسولُه عنه، أو تركُ أيِّ شيء أمرَ الله ورسولُه به؛ لأنه بذلك اختار لنفسه غيرَ ما اختاره الله ورسولُه له.
يقول الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].
ويقول تعالى: ﴿ إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾ [الجن: 23].
وقد توعَّد الشيطانُ بإغوائنا، ولكن الله وعدَه باستمراره في غُفران ذنوبنا ما دُمنا نَتوب ونستغفر؛ كما ورَد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنَّ الشيطان قال: وعزَّتِك يا رب لا أبرَحُ أُغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الربُّ: وعزَّتي وجلالي، لا أَزال أغفر لهم ما استَغفروني))[4].

والذنوب نوعان:
1- كبائر: وهي كل ذنب يترتَّب عليه حدٌّ في الدنيا أو وعيدٌ في الآخرة؛ كالشِّرك بالله وترك الصلاة، وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم، وظُلم النِّساء وأكل مال اليتيم، والكذب والزِّنى، والرِّشوة والرِّبى، وتَصديق الكهَنة والسَّحَرة، واتهام الأبرياء، ومحبة الكفار، والتَّحاكم إلى غير شرع الله... وغيرها.
2- صغائر: وهي كل ذنب لم يوجِب حدًّا في الدنيا أو وعيدًا في الآخرة، وكان قليلَ المفسَدة؛ كإدخال النَّجاسة بالمسجد، والصلاة وقت الكراهة، والعبث والالتفات في الصلوات، والصوم في يوم منهيٍّ عنه، والأكل من طعامِ مَن كان غالبُ ماله حرامًا، والخلوة بالأجنبية، والنظر المحرَّم، وهجر المسلم فوق ثلاث بدون عذر، وكثرة الخصومة، والاستماع للغيبة، وابتداء الكافر بالسلام، والاستماع للهو وآلات العزف، وإفشاء السر، وإخلاف الوعد، والتعصب، وسفر المرأة بدون محرَم... وغيرها.
وقد حذَّر الرسول صلى الله عليه وسلم من الاستخفاف بهذه الصَّغائر حين قال: ((إياكم ومُحقَّرات الذُّنوب؛ فإنَّما مَثل محقَّرات الذنوب كمثَل قومٍ نزلوا بطنَ وادٍ، فجاء ذا بعودٍ، وجاء ذا بعودٍ، حتى حملوا ما أنضَجوا به خُبزَهم، وإنَّ مُحقَّرات الذنوب متى يُؤخَذ بها صاحبُها تُهلِكْه))[5].

وللتوبة من الذنوب عامة شروط لا بد من تحقيقها:
1- الإخلاص لله في التوبة.
2- النَّدم على ما اقترف من المعاصي؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له))[6].
3- الإقلاع عن الذنب؛ لأنه يَستحيل التوبة مع الاستمرار في الذنب.
4- العزم على عدم العودة للذنب.
5- التحلُّل من أصحاب الحق إذا كانت المعصية فيها تَعدٍّ على الحقوق، أو إرجاع الحق لأصحابه إن أمكن ذلك.
يقول الشيخ ابنُ باز رحمه الله في الفرق بين السيِّئة والخطيئة والذنب: "السيئة والخطيئة والذنب كلُّها بمعنًى واحد، وكلها مِن المعاصي، فما جاء في النُّصوص من ذنوبٍ وسيئاتٍ وخطايا فهذا معناه ما يفعله العبد من الجريمة، لكن قد تطلق الخطيئة على ما كان من غير تَعمُّد، أو النسيان؛ كما قال تعالى: ﴿ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]، قد يسمى الشيء خطأً يعني أنه وَقَع بغير قصد أو نسيان، ويسمى الذنب خطيئة، ويسمَّى سيئة، ويسمى ذنبًا"[7].
ومِن رحمة الله أنه لم يجعل التوبة من الذنب مُقتصِرةً على ترديد الاستغفار؛ بل جعل الله التوبة أسلوبَ حياة إذا أخلَصْنا النية لله، واحتسبنا الأجر قبل القيام بالأعمال؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يَنكِحها فهِجرتُه إلى ما هاجر إليه))[8].
"والفرق بين الاستغفار والتوبة: أن الاستغفار طلبُ المغفرة بالدعاء والتوبةِ أو غيرِهما من الطاعة، والتوبة: الندمُ على الخطيئة، مع العزم على ترك المعاودة؛ فلا يجوز الاستغفار مع الإصرار"[9].

ويقول أ. د. ناصر العمر: "لذلك ينبغي أن تكون التوبة بالقلب وليس باللسان فقط؛ فكثيرٌ من الناس يقرأ الأوراد ولا يجد لها أثرًا، ولو تدبَّر قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا ﴾ [الكهف: 28] لأدرك السرَّ في ذلك؛ حيث يَذكر اللهَ بلسانه مع غفلة قلبه، فهل يُنتظَر أثرٌ لذاكرٍ هذه حالُه؟!" ا.ه.

كيف تكون التوبة أسلوب حياة؟
تكون التوبة أسلوبَ حياة حين ترتبط بأغلب أعمالنا اليوميَّة؛ مِن أكل وشرب، ووضوء وصلاة، وزيارة المرضى والتقاء الأصدقاء... وغيرها؛ فالله عز وجل منَحَنا من وسائل التوبة والاستغفار ما يجعلنا لا ننام إلا وقد غُفِرت جميعُ ذنوبنا في ذلك اليوم.
فدعونا نتأمل بعضًا من وسائل التوبة والاستغفار.

الأذان:
ومِن أجمل ما وجَدتُ أن أكثر مواضع التوبة تتعلَّق بالصلاة؛ (كالوضوء، والأذان، والصلاة، وأذكار بعد الصلاة، وقيام الليل...)، فقلت: سبحانك ربي! جعلتَ الصلاة مصدرَ راحتنا، ووسيلةَ تواصُلنا معك وقربنا منك، وكذلك جعَلتَها بابًا واسعًا للتوبة والتكفير عن كل الذنوب.
فالأذان هو نداء الله عز وجل للقلوب؛ لِتُقبِل عليه وتتقرب منه، فتبتعد عن التفكير في الدنيا ومشاغلها؛ لتبدأ في الاستعداد للصلاة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بلال! أقم الصلاة، أرِحْنا بها))[10]، فالصلاة راحةٌ من الهموم والآلام.
فتتلقَّى نداء الله بالاستماع والإنصات، والترديد خلف المؤذن بقلبك قبل لسانك؛ امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم النداء، فقولوا مثلَ ما يقول المؤذن))[11].
ثم ترديدُ الشهادتين والإقرار بأنَّك رضيتَ بالله ربًّا وبمحمد رسولاً وبالاسلام دينًا، فيَجزيك الله بأن يغفر لك جميعَ ذنوبك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قال حين يَسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًّا وبمحمد رسولاً وبالإسلام دينًا - غَفَر الله له ما تقدَّم من ذنبه))[12].

الوضوء:
وبعد الأذان تتَوجَّه بقلبٍ خاشع للتوضُّؤ؛ استعدادًا للوقوف بين يدي الله عز وجل، متيقِّنًا أن الله سيغفر لك خطاياك التي اقترفَتْها جوارحُك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيُّما رجلٍ قام إلى وضوئه يريد الصلاة، ثم غسل كفَّيه نزلَت خطيئتُه من كفيه مع أول قطرة، فإذا غسل وجهه نزلت خطيئته من سمعه وبصره مع أول قطرة، فإذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سَلِم من كل ذنب هو له ومن كل خطيئة، كهيئتِه يومَ ولدَتْه أمُّه، فإذا قام إلى الصلاة رفعه الله عز وجل بها درجة، وإن قعد قعد سالِمًا))[13].
وتيقَّن أنَّك بإسباغك الوضوءَ وإقبالك على الصلاة بقلبك وجوارحك؛ فإن الله سيغفر لك ذنوبك، وسيرزقك بالجنة؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِنكم من أحد يتوضَّأ فيُحسِن الوضوء، ثم يقوم فيركع ركعتين يُقبِل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبَت له الجنة وغُفر له))[14].

الصلاة:
والآن حان الوقتُ للوقوف بين يدي الله عز وجل؛ حبًّا وشوقًا إليه وخشية منه، حتى لو كنتَ بمُفرَدِك على رأس جبل، فيغفر الله لك؛ لخشيتك إياه، ويُدخلك الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يَعجَب ربُّك مِن راعي غنم في رأس شظيَّة بجبل يؤذِّن للصلاة ويصلِّي، فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا، يؤذن ويقيم الصلاة؛ يَخاف مني، قد غفرتُ لعبدي وأدخلتُه الجنة))[15].
ويتجدَّد اللقاء خمسَ مرَّات على مدار اليوم؛ ليتجدد القُرب من الله عز وجل، ويتجدد عهد الله بغفران الذنوب؛ فقد قال رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم: ((خمسُ صلوات افترضَهن الله عز وجل، مَن أحسَن وُضوءهن وصلاَّهن لوقتهن وأتمَّ ركوعهن وخشوعهن، كان له على الله عهدٌ أن يَغفر له، ومَن لم يفعل فليس له على الله عهدٌ؛ إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه))[16].
وحين تبدأ الصلاة وبعد أن تقول: الله أكبر، تستفح بالدعاء لله أن يُطهِّرك من الخطايا كما ورَد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ((اللهم اغسل عنِّي خطاياي بماء الثَّلج والبرَد، ونَقِّ قلبي من الخطايا كما نقيتَ الثوب الأبيض من الدنس، وباعِد بيني وبين خطاياي كما باعدتَ بين المشرق والمغرب))[17].
ومع كل ركوع وسجود كان يردِّد: ((سبحانك وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك))[18].
ثم يُنهي صلاته بطُمأنينة، ويبقى في مجلسه تحفُّه الملائكة وتدعو له؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مُصلاَّه الذي صلى فيه، ما لم يُحدِث أو يَقُم: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه))[19].
ومع كل صلاة يَغفر الله لك الذنوبَ التي سبَقَتها؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن امرِئ يتوضَّأ فيُحسِن وضوءه ثم يُصلي الصلاة إلا غُفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى، حتَّى يُصلِّيَها))[20].
وحين سأل ثوبانُ رضي الله عنه مولى الرسول صلى الله عليه وسلم عن أحبِّ الأعمال إلى الله، قال: ((عليك بكثرة السجود؛ فإنك لا تسجد لله سجدةً إلا رفَعَك الله بها درجة، وحطَّ بها عنك خطيئة))[21].

أذكار بعد الصلاة:
وبعد انتهائه من الصلاة كان الرسول صلى الله عليه وسلم يَستغفر الله؛ لجبرِ أيِّ قُصور صدَر منه بالصلاة؛ كان إذا انصرَف من صلاته استغفرَ ثلاثًا ثم قال: ((اللهم أنت السلام ومنك السلام، تبارَكْتَ يا ذا الجلال والإكرام))[22].
ثم يبدأ في ترديد الأذكار؛ رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبا ذَر، ألا أُعلِّمك كلمات تقولهن تَلحق مَن سبقك ولا يُدرِكك إلا مَن أخذ بعمَلِك؟ تُكبِّر دُبرَ كل صلاة ثلاثًا وثلاثين وتسبِّح ثلاثًا وثلاثين وتحمد ثلاثًا وثلاثين، وتختم بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، مَن قال ذلك غُفِرَت له ذنوبه ولو كانت مِثل زبَد البحر))[23].
ألا يَكفي كلُّ هذا لتبييَّن عِظمَ شأن الصلاة وأهميتها، وأهمية إعطائها حقَّها من الوقت والخشوع والتضرُّع بين يدي الله عز وجل لتكون سببًا في غفران الذنوب!

قيام الليل:
وهو دَأب الصَّالحين، لا يُوفَّق إليه إلا مَن وفَّقه الله؛ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بقيام الليل؛ فإنه دَأبُ الصالحين قبلَكم، وقربةٌ إلى الله تعالى، ومَنهاةٌ عن الإثم وتكفيرٌ للسيئات، ومَطرَدةٌ للداء عن الجسد))[24].
ففيه يتنزل الله عز وجل تنزيلاً يليق بجلاله؛ ليلبِّي حاجةَ عباده المقربين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يتنزل ربُّنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يَبقى ثُلث الليل الآخرُ فيقول: مَن يدعوني فأستجيبَ له؟ من يسألني فأعطيَه؟ من يستغفرني فأغفرَ له؟))[25].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن تَعارَّ مِن الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استُجيبَ له، فإن قام فتوضَّأ ثم صلى قُبِلَت صلاتُه))[26].

الجمعة:
وهو يومُ عيدٍ للمسلمين؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا يومُ عيد جعَله الله للمسلمين، فمَن جاء إلى الجمعة فلْيغتسِل، وإن كان طيبٌ فليَمسَّ منه، وعليكم بالسِّواك))[27].
وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم الكثير عن فضل يوم الجمعة وصلاتها، فقال: ((مَن توضأ يوم الجمعة فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فدَنا واستمع وأنصَت غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام، ومن مسَّ الحصى فقد لغا))[28].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن اغتسل يوم الجمعة فأحسن الغُسل، وتطهر فأحسن الطُّهور، ولبس مِن أحسن ثيابه، ومَسَّ ما كَتب الله له من طيب أو دُهن أهلِه، ثم أتى المسجد فلم يَلغُ ولم يُفرِّق بين اثنين - غفَر الله له ما بينه وبين الجمعة الأخرى))[29].

ثم يمرُّ اليوم بعد ذلك بأحداثه المتفرقة، والتي تشمل الكثير من وسائل التوبة والاستغفار:
الخلاء:
هو أول مكان ندخله حين الاستيقاظ من النوم، وكذلك آخر مكان نذهب إليه قبل الذهاب إلى النوم، بالإضافة إلى دخوله عدة مرات خلال اليوم نُحرَم فيها من ذِكر الله؛ لذا علَّمنا رسولنا الاستغفارَ من انقطاعنا عن الذِّكر بترديد كلمة ((غفرانك))؛ لما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرَج مِن الخلاء قال: ((غفرانَك))[30].

الطعام:
حين تبدأ طعامك بالبسملة ثم تلتهمه وتنتهي منه، فلا تحتاج سوى أن تحمد الله وتنسب الفضل إليه؛ ليغفر لك ذنبك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أكل طعامًا ثم قال: الحمدُ لله الذي أطعمَني هذا الطعام ورزَقَنيه مِن غير حولٍ مني ولا قوة، غُفر له ما تقدم من ذنبه))[31].

الملبس:
وفي كل مرة تُبدِّل ملابسَك ما عليك سوى حمدِ الله على فضله؛ ليغفر لك ما تقدم من ذنبك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ومَن لبس ثوبًا فقال: الحمد لله الذي كَساني هذا ورزقَنيه من غير حولٍ مني ولا قوة، غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخَّر))[32].

الرفقاء:
وحينما تَلتقي بأحد المسلمين وتمدُّ يدك لمصافحته يَغفر الله لك ذنبَك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مُسلمَيْن يَلتقيان فيتَصافحان إلا غُفر لهما قبل أن يتَفرَّقا))[33].
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مُسلمين يلتقيان فيُسلِّم أحدُهما على صاحبه ويأخذ بيده لا يأخذ بيده إلا لله، فلا يفترقان حتى يُغفر لهما))[34].
وبعد الانتهاء من مَجلسِك والذي حتمًا ستتخلَّله بعض الذنوب - مِن لغوٍ وفضول الكلام وغيرهما - فما عليك سوى ترديد دعاء كفَّارة المجلس قبل أن تَقوم من مجلسك؛ فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مجلس إلا قال: ((سبحانك اللهم ربي وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك))، وقال: ((لا يَقولهنَّ أحد حيث يَقوم من مجلسه إلا غُفر له ما كان منه في ذلك المجلس))[35].
وكذلك الاهتمام ببذل السلام لمن نَعرف ومن لم نَعرف من موجبات المغفرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ موجبات المغفرة بذل السَّلام وحُسن الكلام))[36].

عيادة المريض:
وكما أنَّ لقاء الرُّفقاء في السَّراء سببٌ لغفران الذنوب، فكذلك زيارتهم في الضراء خاصة وقتَ احتياجهم النفسي والمعنوي للرفقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن رجل يعود مريضًا ممسيًا إلا خرج معه سبعون ألفَ ملَك يستغفرون له حتى يُصبح، ومن أتاه مُصبِحًا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يُمسي))[37].

تنفيذ العقوبات:
كثيرون مَن يرتكبون الكبائرَ ويتعدَّون على حقوق الغير، لكن القلة القليلة التي تتَّقي الله وتخشاه وتعترف بالخطأ، وتقبل بتطبيق الحدود عليها في الدنيا؛ لذلك يَجزي الله عز وجل هذه القلة بجَعلِ الحدِّ كفَّارة لتلك الكبيرة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن أصاب ذنبًا فأقيم عليه حدُّ ذلك الذنب فهو كفَّارته))[38].

العُطاس:
العطاس هو إحدى نعم الله علينا؛ حيث تخرج الأبخرة المحتقنة في الدماغ؛ ولذلك وجَب علينا حمدُ الله عز وجل عليها، فيدعو لك المسلمون بالرحمة، فتَقوم في المقابل بالدعاء لنفسك ولهم بالمغفرة في جوٍّ يسوده الحبُّ والألفة، وتَلاقي الأرواح؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا عَطِس أحدُكم فليَقُل: الحمد لله ربِّ العالمين، وليقل له: يرحمك الله، وليقل هو: يغفر الله لنا ولكم))[39].

الابتلاء:
تمرُّ بنا الحياة بشتى أنواع الابتلاءات صغيرة وكبيرة، فيجعلها الله وسائلَ لتكفير الذنوب ورفعِ الدرجات؛ كلٌّ على حسب إيمانه، فتُنسينا حلاوةُ الأجر ما مرَرْنا به من مَرارة الصبر على البلاء؛ يقول ابن الجوزي: "ولو أنَّ ملِكًا قال لرجل فقير: كُلَّما ضربتُك بهذا العود اللطيف ضربة أعطيتُك ألف دينار - لأحَبَّ كثرة الضرب، لا لأنه لا يُؤلِم، ولكن لِمَا يَرجو مِن عاقبة، وإن أنكاه الضَّربُ، فكذلك السَّلَف تلَمَّحوا الثَّواب، فهان عليهم البلاء))[40].
ويقول الشيخ عبدالعزيز الطريفي: المصائب نعمة لمن رُزِق الصبر، ولو عَلِم الإنسان ثواب صبره لأنساه ألم مصيبته؛ يقول تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر 10].
وقد وضَّح لنا الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأجور فقال: ((أشدُّ الناس بلاءً الأنبياءُ ثم الأمثلُ فالأمثل؛ يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابةٌ اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رِقَّة ابتُلي على قدر دينه، فما يَبرح البلاءُ بالعبد حتى يتركه يَمشي على الأرض، وما عليه خطيئة))[41].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يُصيب عبدًا نكبةٌ فما فوقَها أو دونَها إلا بذنب، وما يَعفو الله عنه أكثر))[42].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسِه وولده وماله، حتى يَلقى الله وما عليه خطيئة))[43].
ويقول صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله بعبده الخيرَ عجَّل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشرَّ أمسك عنه بذنبه حتى يُوافي به يوم القيامة))[44].

المرض والألم:
وكذلك المرَض والألم ابتلاءٌ مِن الله عز وجل؛ ليُكفِّر به الذنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يَبتلي عبده المؤمن بالسَّقَم حتى يُكفِّر عنه كلَّ ذنب))[45].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد إذا مرض أوحى الله إلى ملائكته: أنا قيَّدتُ عبدي بقيد من قيودي، فإن أقبِضْه أغفر له وإن أُعافِه فحينئذٍ يَقعد لا ذنب له))[46].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلمٍ ابتلاه الله في جسده إلا كُتب له ما كان يعمل في صحَّته؛ ما كان مريضًا، فإن عافاه - أراه قال - عسَلَه)). وفي رواية: ((وإن قبضه غُفر له، وإن شفاه عسَلَه))[47].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا ابتلى الله العبد المسلم ببلاء في جسده قال الله عز وجل: أكتب له صالح عمله، فإن شفاه غسله وطهره، وإن قبضه غفَر له ورَحِمه))[48].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الصالحين يُشدَّد عليهم، وإنه لا يصيب مؤمنًا نكبةٌ - مِن شوكة فما فوق ذلك - إلا حطَّت عنه بها خطيئة، ورفع له بها درجة))[49].

أذكار النوم:
يأتي موعد النوم بعد يوم كامل من المشقة والعمل، يتخللها بعض الذنوب التي تصيب جوارحنا، فنحتاج إلى التطهُّر منها بالوضوء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طَهِّروا هذه الأجساد طهَّرَكم الله؛ فإنه ليس عبدٌ يَبيت طاهرًا إلا بات معه ملَكٌ في شِعاره لا ينقلب ساعةً من الليل إلا قال: اللهم اغفر لعبدك؛ فإنه بات طاهرًا))[50].
ثم تستعد للنوم فتنفض فراشك قبل أن تضطَجِع على شِقِّك الأيمن داعيًا الله عز وجل ومناجيًا إياه؛ ليغفر لك ذنبك ويحفظك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فليأخُذ داخِلةَ إزاره، فليَنفُض بها فِراشه، وليُسمِّ الله؛ فإنه لا يَعلم ما خلَفَه بعده على فراشه، فإذا أراد أن يضطجع، فليضطجع على شقِّه الأيمن، وليَقُل: سبحانك اللهمَّ ربي، بك وضعتُ جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكتَ نفسي فاغفر لها، وإن أرسلتَها فاحفَظْها بما تحفظُ به عبادك الصالحين))[51].

الاستغفار والدعاء:
ورغم وجود وسائلَ كثيرة في حياتنا اليومية للتوبة وتكفير الذنوب، ورغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أنقى القلوب وأطهر البشر - فإنَّه كان مهتمًّا جدًّا بترديد الاستغفار والدعاء والتوبة لله عز وجل؛ لجبر أيِّ تقصير صدر منه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ليُغانُ على قلبي، وإني لأَستغفِر الله في اليوم مائةَ مرة))[52].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليِّ بن أبي طالب: ((ألاَ أُعلِّمك كلمات إذا قُلتَهن غفر الله لك وإن كنتَ مغفورًا لك؟ قل: لا إله إلا الله العليُّ العظيم، لا إله إلا الله الحكيم الكريم، لا إله إلا الله، سبحان الله ربِّ السموات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين))[53].
ورُوي أنَّ أبا بكرٍ الصديق رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي، قال: ((قل: اللهم إنِّي ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يَغفر الذُّنوب إلاَّ أنت، فاغفر لي مِن عندك مغفرةً؛ إنَّك أنت الغفور الرَّحيم))[54].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيد الاستغفار أن تَقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتَني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعتُ، أعوذ بك من شرِّ ما صنَعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي؛ فإنه لا يَغفر الذنوبَ إلا أنت؛ مَن قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يُمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقنٌ بها فمات قبل أن يُصبح فهو من أهل الجنة))[55].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تأثير الرَّان على القلوب: ((إن العبد إذا أخطأ خطيئة نُكِتَت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن عاد زيدَ فيها حتى تَعلُوَ على قلبه، وهو الرَّان الذي ذكَر الله تعالى: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]))[56].
وقال صلى الله عليه وسلم في عجَبِ الله من المستغفرين ويَقينهم بالله: ((إنَّ ربَّك ليَعجب من عبده إذا قال: ربِّ اغفر لي ذنوبي، وهو يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري))[57].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تعالى: مَن علم أنِّي ذو قُدرة على مغفرة الذنوب غفرتُ له ولا أبالي، ما لم يشرك بي شيئًا))[58].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تعالى: يا بن آدم، إنَّك ما دعَوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم، لو بلَغَت ذنوبك عَنانَ السماء ثم استغفرتَني غفرتُ لك ولا أبالي، يا بن آدم، لو أنك أتيتَني بقُراب الأرض خطايا ثم لَقيتَني لا تُشرك بي شيئًا لأتيتُك بقُرابها مغفرة))[59].
وقال صلى الله عليه وسلم في شأن صاحب الشِّمال وتأخُّره في تسجيل الذنوب: ((إن صاحب الشمال ليَرفع القَلم ستَّ ساعات عن العبد المسلم المخطِئ، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها، وإلا كُتِبَت واحدة))[60].
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر الله كلَّ يوم أكثر من سبعين مرة: ((استغفروا ربَّكم؛ إني استغفر الله وأتوب إليه كل يوم مائة مرة))[61].
ومن الأذكار التي تَمحو جميع الخطايا ولو كانت مثلَ زبَد البحر: قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطَّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر))[62].
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما على الأرض أحدٌ يقول: لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله: إلا كُفِّرت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر))[63].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوبة من الرياء: ((يا أيها الناس، اتَّقوا هذا الشِّرك؛ فإنه أخفى مِن دبيب النمل))، فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتَّقِيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: ((قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نُشرِك بك شيئًا نعلمه، ونستغفرك لِما لا نَعلمه))[64].
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: ((اللهم اغفر لي خَطيئتي وجَهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جَدِّي وهَزْلي، وخَطئي وعَمْدي، وكل ذلك عِندي، اللهم اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني؛ أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر، وأنت على كل شيء قدير)) [65].
((اللهم اغفر لي ذنبي ووَسِّع لي في داري وبارك لي في رزقي))[66].
((اللهم اغفر لي ذنوبي وخطاياي كلها، اللهم أنعشني واجبرني واهدني لصالح الأعمال والأخلاق؛ فإنه لا يَهدي لصالحها ولا يَصرف سيِّئَها إلا أنت))[67].

المدح:
ولأن المَدح يولِّد العُجْب والكِبْر في الممدوح فقد كان الرَّجل من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذا زُكِّي قال: (( اللهم لا تُؤاخذني بما يَقولون، واغفر لي ما لا يعلمون)) [68].

الصلاة على رسول الله:
ومما يَزيدنا قربةً لله عز وجل أن نتذكر رسولَه صلى الله عليه وسلم ونُصلِّي عليه في كل وقت وحين؛ فعن أُبيِّ بن كعب أنه قال: يا رسولَ الله، إنِّي أُكثِرُ الصَّلاةَ عليك فكَم أجعلُ لك مِن صلاتي؟ فقال: ((ما شِئتَ))، قال: قلتُ: الرُّبُعَ، قال: ((ما شئتَ، فإن زِدتَ فهو خيرٌ لك))، قُلتُ: النِّصفَ، قالَ: ((ما شِئتَ؛ فإن زدتَ فَهوَ خيرٌ لَكَ))، قالَ: قلتُ: فالثُّلُثَيْنِ، قالَ: ((ما شِئتَ؛ فإن زدتَ فَهوَ خيرٌ لَكَ))، قلتُ: أجعلُ لَكَ صلاتي كلَّها، قالَ: ((إذًا تُكْفَى هَمَّك، ويُغفرَ لَكَ ذنبُك))[69].

الصدقة:
للصدقة عظيمُ الأثر في حياة المسلمين؛ سواء كانت صدقة تجد أثرَها في حياتك فتُطفِئ الخطيئة؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تصدَّقوا ولو بتمرة؛ فإنها تَسدُّ من الجائع، وتطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماءُ النارَ))[70].
أو صدقةً يستمرُّ أجرُها بعد مماتك، ومنها ولدٌ يَستغفر لك بعد مماتك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سَبعٌ يَجري للعبد أجرُهن وهو في قبره بعد موته: مَن علم علمًا أو أجرى نهرًا أو حفر بئرًا أو غرس نخلاً أو بنى مسجدًا أو ورَّث مصحفًا أو ترَك ولدًا يستغفر له بعد موته))[71].

طلب العلم وتعليمه:
ولطلب العلم فضلٌ عظيم؛ يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9].
كيف لا والعلم هو ميراث الأنبياء وطريقٌ تسلكه إلى الجنة، فيُكرِمك الله بأن يَستغفر لك مَن في السَّموات ومَن في الأرض، وحتى الحيتان في جوف الماء؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سَلك الله به طريقًا من طُرق الجنة، وإن الملائكة لتَضع أجنحتَها لطالب العلم؛ رِضًا بما يصنع، وإن العالم ليَستغفر له مَن في السموات ومن في الأرض والحيتانُ في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا؛ إنما ورثوا العلم، فمَن أخذه أخذ بحظ وافر))[72].
ولم يَقتصر هذا الفضل على طالب العلم، بل امتدَّ لمن طلب العلم وعلَّمَه لغيره، فيستمر استغفارُ كل شيء لك حتى الحيتان في البحار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((معلِّم الخيرِ يستغفر له كلُّ شيء، حتى الحيتان في البحر))[73].

الشيب:
كثيرٌ منا يَحزن إذا ظهَر الشيب في رأسِه، لكن كيف يكون شعورهم لو عَلموا أن هذا الشيب سيَكون لهم نورًا يوم القيامة؟ يَقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن شاب شيبةً في الإسلام، كانت له نورًا يوم القيامة))[74].
وكما أنَّ للشيب فضلاً يوم القيامة فله فضلٌ أيضًا في الدنيا؛ حيث يَكتب الله لك بكلِّ شيبة حسنة ويحطُّ عنك بها خطئية؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كَتب الله له بها حسنة وحطَّ عنه بها خطيئة))[75].

حسن تربية الأبناء:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته؛ فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤولٌ عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها))[76].
ومِن رعيَّة المرأة أبناؤها وحسنُ تربيتهم، فمَن أحسن تربيةَ أبنائه كانوا له صدَقة جارية بعد مماته، ورُفعَت درجته بالجنة باستغفار أبنائه له؛ فعَن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((تُرفَع للميت بعد موته درجتُه، فيقول: أيْ ربِّ، أيُّ شيء هذه؟ فيُقال: ولَدُك استغفَر لك))[77].

إماطة الأذى عن الطريق:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه))[78].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((بينما رجلٌ يَمشي بطريق وجَد غُصنَ شوكٍ على الطريق فأخَّره، فشَكَر الله له فغَفَر له))[79].

الإحسان إلى الحيوان:
أمرنا الله عز وجل بالعدل والإحسان في كل شيء، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾ [النحل: 90]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله كتب الإحسانَ على كلِّ شيء))[80].
والعدل والإحسان يشمَلان الإنسانَ والحيوان، وكان مِن رحمته سبحانه وتعالى أن جَعل الإحسانَ للحيوان سببًا لمغفرة الذنوب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بينا رجلٌ يَمشي فاشتدَّ عليه العطش، فنَزل بئرًا فشرب منها ثمَّ خرج، فإذا هو بكلبٍ يلهَث؛ يأكل الثَّرى مِن العطش، فقال: لقد بلَغ هذا مثلُ الذي بلَغَ بي، فملأ خُفَّه ثم أمسَكه بفِيه، ثم رَقِي فسَقى الكلبَ، فشكَر الله له، فغفَر له))، قالوا: يا رسول الله، وإنَّ لنا في البهائم أجرًا؟ قال: ((في كلِّ كَبدٍ رطبةٍ أجرٌ))[81].

الخاتمة:
وما سبق هو قطرةٌ مِن غيثٍ في بحر الآيات والأحاديث التي تُعلِّمنا وسائل التوبة والاستغفار في حياتنا؛ مما يَجعلنا نتأمَّل: كيف لنا أن نَخرج من يومنا كلَّ ليلة مُحمَّلين بالذنوب وقد وهَبَنا الله عز وجل الكثيرَ من الوسائل المكفِّرة للخطايا، والرافعة للدرجات؟
فالصلاة وحدَها يَغفر الله لنا فيها ذُنوبَنا عدة مرات لو احتسَبْنا أجرَها الذي أخبرَنا به نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم، بدءًا من الدعاء بعد الأذان، ثم الوضوء، ثم الذَّهاب إلى الصلاة، ثم دعاء الاستفتاح، ثم الركوع والسجود، ثم أذكار بعد الصلاة، في كلِّ خَطوة من هذه تُغفَر جميع ذنوبنا.
وصلاتنا هذه نؤدِّيها خمس مرات في اليوم، فكيف لو احتسَبْنا الأجور المذكورةَ في الأعمال الأخرى التي نَقوم بها كلَّ يوم؛ لنخرج كلَّ ليلة وقد غُفرَت جميعُ ذنوبنا ولو كانت مثل زبَدِ البحر؟!

همسة أخيرة:
"إذا انطفَأت كلُّ الأنوار، فاعلم أنَّ هناك مصباحًا لا يَنطفئ حتى تَموت؛ هو مصباح التوبة"[82].
فالله أفرحُ بتوبة عبده من أيِّ مخلوق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((قال اللهُ عزَّ وجلَّ: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه حيث ذكَرَني - واللهِ لَلَّهُ أفرحُ بتوبةِ عبدِه مِن أحدِكم يَجِدُ ضالَّتَه بالفلاةِ - ومَن تقرَّب إليَّ شِبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا، ومن تقرَّب إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا، وإذا أقبل إليَّ يمشي أقبلتُ إليه أهرولُ))[83].
وآخِر دَعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين



الموضوع الأصلي: التوبة أسلوب حياة || الكاتب: شهد الغلا || المصدر: منتدى همسات الغلا

كلمات البحث

العاب ، برامج ، منتدى همسات الغلا ، هاكات ، استايلات





hgj,fm Hsg,f pdhm hgj,fm




 توقيع : شهد الغلا


رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
أسلوب , التوبة , حياة

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التوبة واهميتها ومقاماتها // القروب والأحمر الاداره ۞ همســـــات الإسلامي ۞ 18 24-03-2016 01:24 PM
أسرار تذييل الآيات في الربع الأول من سورة التوبة (3) البرنس مديح ال قطب ۞ همسات القرآن الكريم وتفسيره ۞ 21 01-08-2015 11:14 PM
باب التوبة مفتوح زائر الفجر ۞ همســـــات الإسلامي ۞ 16 11-11-2014 01:48 AM
من هم الصادقون في التوبة ؟ (118- التوبة / ج11) سراج العز ۞ همسات القرآن الكريم وتفسيره ۞ 30 18-06-2014 06:14 AM
اللغه العربيه للصف العاشرالفصل الثاني مبسطه ومختصره سوار الياسمين ❀ همسات الجامعة والطلبه والطالبات ❀ 15 06-03-2014 02:35 AM


الساعة الآن 02:58 PM

أقسام المنتدى

¨°o.O (المنتديات العامه) O.o°¨ | ❀ همســـــات العام ❀ | ❀ همســـــات الترحيب والإهداءات ❀ | ❀ همســـــات الحوار والنقاش الجاد ❀ | ۞ همســـــات الإسلامي ۞ | ¨°o.O (المنتديات الأدبية) O.o°¨ | ❀ همســــات المقال و الخواطر والنثر للمنقول ❀ | ❀ همســــات شعر وشعراء للمنقول ❀ | ❀ همســــات قصص وروايات ❀ | ¨°o.O (المنتديات الأسـريـة) O.o°¨ | ❀ همســـات الديكور و الكروشيه ❀ | ❀ همسات عالم حواء ❀ | ❀ همســـات عالم آدم ❀ | ❀ همســـات التاريخ والتراث والأنساب ❀ | ❀ همســـات الرياضه ❀ | ( همســـات السيارات والدرجات الناريه) | ❀ همسـات الأخبار المحلية والعالمية ❀ | ❀ همســـات الصحه والطب ❀ | ¨°o.O (منتديات الرياضية والفن والتسلية) O.o°¨ | ❀ همســـات الترفيه والطرائف ❀ | (همسات الالعاب والتسليه ) | ❀ همســـات جـسـر الـتـواصــل ❀ | ❀ همســـــات المسلسلات العربيه والأجنبية ❀ | ¨°o.O (المنتديات الثقافية والفكرية) O.o°¨ | ❀ همســـــات English word ❀ | ❀ همسات الجامعة والطلبه والطالبات ❀ | ❀ همســـات الاسرة والحمل ❀ | ❀ همســـات المطبخ ❀ | ¨°o.O (منتديات اليوتيوب والصـور والأنمي والمسلسلات) O.o°¨ | ❀ همســـات الصور ❀ | ( لآئحة الشرف ) | ¨°o.O (منتديات الـتـقـنـيـة) O.o°¨ | ❀ همســـات الكمبيوتر والانترنت والبرمجيات ❀ | ❀ مجلات ودواوين همسات الغلا ❀ | ❀ همـسآت آلسويتش مآكس والتصاميم والجرافيكس ❀ | فارغ | ❀ همســـات الــ YouTube | ¨°o.O (منتدى المشرفين والادارة) O.o°¨ | (همســـات المواضيع المكرره والمحذوفه) | ❀ حصريات عدسة ومطبخ الأعضاء ❀ | ❀ حصريات بأقلام الاعضاء لم يسبق لها النشر ❀ | ❀ همسات مدونات الأعضاء [ blog ] ❀ | ( حصريات الأديبه همس الروح ) | ❀ أطروحات إحترافيه وبنود أدبية ) ❀ | ❀ همسات الوطن والعالم العربي ❀ | (همسات المسابقات والفعاليات ) | ۞ همسات الصوتيات والفلاشات الاسلاميه ۞ | ❀ همسات النثرْ و الخواطر والشعر بقلم العضو سبق نشرها ❀ | ❀ همسات جنان الكلمة ديزاين ❀ | ❀ همسات الأيفون و الأندرويد وسوشيال ميديا ❀ | (الخيمه الرمضانيه) | ¨°o.O (منتديات الفوتوشوب والسويتش ماكس) O.o°¨ | ركن الاديبة قَبَس | ❀ همسات حقيبة المصمم ❀ | ( قسم الفواصل والإكسسوارات لتنسيق المواضيع ) | ۞ (المنتديات الاسلاميه) ۞ | ۞ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ۞ | ۞ همسات القرآن الكريم وتفسيره ۞ | ❀ همسات تطوير الذات ❀ | قلعة عميدة الادباء البارزه | ( حدث في مثل هذا اليوم // هل تعلم ) | (همسات كرسي الإعتراف و ASK ME ) | ۞ همسات الحج والعمرة ۞ | ❀ همسات القصائد الصوتيه والمرئيه ❀ | (همسات الطفل ) | (حصريات ملاذ الفرح) | ( همسات أعز الحبايب الأم ) | ¨°o.O ( المنتديات الادارية ) O.o°¨ | ¨°o.O ( الاقسام الخاصه ) O.o°¨ | (همسات الترقيات وتكريم الاعضاء) | ❀ همســـات الأعضــــاء ❀ | ( همسات الثقافه العامه ) | ❀ همسات الألفيات و التهاني وتواصل الأعضاء ❀ | ❀ حصريات تطوير الذات والنقاش الحر ❀ | ❀ قسم الحيوانات والنباتات والاسماك ❀ | فارغ | ❀ الطيور المهاجره ❀ | (مكتب المدير العام) | ( مسابقات رمضان ) | ( قناة وحصريات البرنسيسه فاتنة ) | ( قسم الفتاوي الاسلامية ) | ( المدونات الخاصه blog ) | ( همسات العزاء والدعاء بالشفاء للمرضى ) | ( قسم خاص للأنمي ) | ( همسات الدوري الاوروبي وكأس العالم) | ❀ إستراحة الأعضـــــــاء والمقهى الأدبي ❀ | ❀ حصريات قناة همسات الغلا ❀ | O.o°¨( منتدي الحصريات الأدبيه )¨°o.O | ❀ حصريات التصاميم و 3d ❀ | ❀ حصريات المقالات ❀ | ( ومضات خواطر وشعر حصرية ) | ( همســات رابطة الأدباء ) | ملحقات الفوتوشوب وطلبات الرمزيات والتواقيع | °¨(حصريات الرسم والخط العربي)¨° | دآر عمدآء الأدب | ( قناة وحصريات الجوري ) | °¨( ورشة عمل الفعاليات والمواضيع )¨° | ❀ حصريات الروايات والقصص القصيرة ❀ | ( قناة و حصريات ميارا ) | ❀ حصريات الشعر والمساجلات ❀ | الارشيف الخاص بالهمسات | ( السيرة الذاتيه للاعضاء ) | (أكاديمية صـفوة الأقلام) | قلعة عميدة الادباء الدكتوره نور اليقين | (ركن المصمم بو خالد) | ركن الاديب أعذب ميسان | ( حصريات النـور ) | ❀ همسات تاريخ العرب وأنسابها وأيامها ❀ | قلعة عميد الادباء عبدالله الصالح | ركن الشاعرة سيدة الحرف | قلعة عميدة الادباء أرجوحة حرف | ركن الشاعر القارظ العنزي | قلعة عميدة الادباء هند | قلعة عميد الادباء نجم ضاوي | (حصريات الأديبة فاتنة ) | فارغ | ركن الاديبه غروب | ركن الاديبه ملك | ❀ همسات واحة الفعاليات الأدبية الدائمة ❀ | ( حصريات مبارك آل ضرمان ) | ( حصريات ابن عمان ) | ( المدونات الخاصه جدا blog ) | ( حصريات ريحانة بغداد وفلسطين ) | قلعة عميد الادباء البرنس مديح ال قطب | OO°¨( منتدي الحصريات )¨°OO | (المطبخ الرمضاني) | دورة الفوتوشوب المنوعة آلآحترافية | ركن الأديب البراء الحريري | قلعة عميدة الأدباء تيماء | همسات الردود المميزة والحصرية | ❀ حصريات الشروحات ❀ | ❀ تعليم مبادئ الكتابه وصقل المواهب الكتابية ❀ | ركن الأديبة هَدهَدة حرف | ❀ همسات ذوي الاحتياجات الخاصة ❀ | ❀ الشكاوي والاقتراحات الخاصه للحصريات ❀ | حصريات أمير الكتاب الاستاذ ليتك وهم | مدونة الدكتور الأديب لسان العرب | ركن الكاتبة مواليف البدر | ❀ همســـات اجتماع الاداريين ❀ | نجم الأسبوع | ركن الشاعر أحد الصابرين | ❀ همسات السياحة والسفر ❀ | ۞ قسم الأحاديث النبوية ۞ | ❀ همسات الرحلات البريه والقنص ❀ | ❀ همسات تطوير استايلات وعروض مجانيه ❀ |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
This Forum used Arshfny Mod by islam servant