على أرصفة النسيان
أعتبُ عليكَ أيها البحرُ
لَفَظْتَني حين لجأتُ إليكَ
بعد أن نبذَتْني كلُّ أرجاءِ الكون
حين حاصرتني سهامُ الزَّمن من كلِّ جانب
حين لم يتبقَّ لي ملاذٌ إلا أنت
لفظتني إلى الضّفة الأخرى مجردا من حلمي
وأنا لا أحمل سوى حفنة تراب
من وطني ذابت واستقرت في قعرك السحيق
كنتُ أحلمُ أن تُدَثِّرَني أمواجُك،
أو تحنو عليّ كما حنتْ الأرض على بعض أهلي
أو تمنحني حفنةَ رملٍ أرسمُ عليها لي وطنا
لجأت إليك بعد أن طاردتني الأشباح
وأنشبَ الزَّمنُ أظفارَهُ في وجهي...
وصرتُ بلا هوية
بلا عنوان
ها أنا أيها البحر أدس أصبعي في حلقي
كي أتقيأ بقية عمري...
ما زلتُ أطمعُ أن تحنو علي هذه المرة
فشدّني إليك ...أعدني إلى ضفّتي ...
وأعدك أن أحبسَ دموعي لأنني
أخشى عليك من الفيضان
أنا تائه أيّها البحر ...فسامرني
واقبل دعوتي لاحتساء الأمل
على حدود وطني الممزق
لقد سئمتُ احتساء الحزن المعتق في أوصالي
خبئني أيها البحرُ في أعماقك
وتجاوز الحدود
فأنا لاجئ لا أحملُ تصريحا للعبور
وطني أيها البحر لؤلؤةٌ بيعت للغرباء
وروحٌ أنهكها الحصار
وأنا مللتُ البحثَ عن وطن
في خريطةٍ معلقةٍ على جدار
خذني أيها البحر والفظني هناك
هناك عند زهرة ربيعية تصارع الأشواك
وردة ربيعية تتسلل كي
ترفع شارة انتصار الربيع
خذني لأتفيّأ ظل زيتونة الأنبياء
وأشتم أريج البرتقال
ليست بلادي تذكارا أحن
إلية كلما لفحني نسيمها
وليست تاريخا مكتوبا على أوراق ممزقة
بلادي نبض لا يتوقف
ورقة ربيعية ترفض الاصفرار
لن يكون وطني قصيدة ننشدها
في افتتاحيات محافل الأحزان
وطني حروف لم يتعلم نطقها الكثيرون
سأبحث بين تجاعيد الشيوخ
على أرصفة النسيان عن بسمة لم تمت بعد
لعلني أجد فيها ما يستق الحياة.......