حبيبتي كانت مشاكسة، تحبُّ أن تقتلع الضمائر المستترة الساكنة بين حروفي، وتتمدد بين الفواصل والنقاط وعلامات الاستفهام، لتكون في خاطرتي.. الخاطرة كلها!
وهي أنيقة، ترتدي كل كنايات الجمال من سجع واستعارات، وترسم على يدها فراشة صغيرة، كلما طارت تغمض عينيها فتطير معها، وحينما تفتح عينيها، تفتح لؤلؤتيها، تسقط كيرقة بين ذراعيّ.
كثيراً ما كانت تحلم بأن تكون غيمة، فتتساقط أمطارها علينا، لتنمو مساحات خضراء وجنائن، فتتسع مساحات العشق وتخضرّ غصون الوئام.
وحبيبتي كانت كاذبة، في كل مرة كنت أرى دموعها وأسألها لما تبكين، كانت تقول أنا لا أبكي، لما أنت قصير النظر، هذه أنهار تتساقط من جبال الألب!
تلك المشاكسة، الأنيقة، الكاذبة صَنَعَت لها بين ضلوعي مخبأً ووظيفةً وحياةً حتى ذبُلَت، وظننتها كأي طائر فنيقي يذبل فيتجدد، لكنها ذابت كملح بين مسامات قلبي واختفت.
وأنا المتفرج على كل ذلك لم أعد أتذكر سوى صدى صوت يطعن كبريائي، يجتث كل يوم بأظافره قطعة من جسدي.
******
ما عدتُ أحلم بشيء أكثر من مقبض باب، أنا الريفي المسكين أبحث عن باب أسكنه.. قد مللتُ تلك الشرفات العالية المطلة على الغياب، أنا الريفي المعجون بأتربة الامس، سحرتني المدينة بأرضها اليباب.
******
عمار الداوود.